جديد تكونت به للمسلمين وحدة اقتضت معاملات ونظماً اجتماعية تمتاز بها عن سائر الجماعات، ومنذ ذلك الحين اتجه الوحي إلى جهة أخرى تسير مع مقتضيات الحالة الجديدة، وتلبي مطالب هذه الأمة الناشئة"، وكنا فهمنا من تلك العبارة: أن الكاتب معترف بأن الوحي ينزل في غير أساس الدعوة، والجانب الخلقي والعبادات.
أفلا تشعر أيها القارئ بأن ما قاله هنا ينافر ما قاله في صدر المقال، ولا يلتئم به؟ فالأمر إما أن يكون في المقال عبارات لا يأخذ بعضها برقاب بعض، وإما أن يكون فيه رجوع عن رأي برأي.
أشار الكاتب هنا إلى أن الوحي لا ينزل فيما تختلف فيه المصلحة باختلاف الظروف والأحوال، ووضْعه لهذا القسم في مقابلة أساس الدعوة والجانب الخلقي والعبادات، ظاهر في أنه أراد منه: المعاملات، وشؤون الاجتماع، ولا ندري ماذا يصنع الكاتب في آيات كثيرة نزلت في المعاملات والجنايات؛ كالرهن، وتحريم الربا، وجلد الزاني والقاذف، وقطع يد السارق، وثبوت الحق بشهادة رجلين، أو رجل وامراتين، ويضاف إلى هذا أحاديث كثيرة وردت في المعاملات وشؤون الاجتماع، وليس في الرواية, "ولا ما يحيط بها ما يدل على أنها صادرة عن اجتهاد.
وأشار الكاتب هنا أيضاً إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يجتهد إلا فيما تختلف فيه المصلحة باختلاف الظروف والأحوال، ولا يجتهد فيما يرجع إلى أساس الدعوة والجانب الخلقي والعبادات، وقد نسي الكاتب أنه أورد أحاديث في العبادات مستشهدًا بها على اجتهاد النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ مثل: إفتاء المرأة في الحج لأبيها، وإفتائه السائل عن قُبلة الصائم، وإفتائه السائل عن أجر من باشر امرأته.