يتصرفوا فيه بما تقضي به المصلحة، وبما توحي به الظروف والأحوال".
يريد الكاتب أن يضع في ذهن القارئ أن علماء الإِسلام لم يتتبعوا المروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يعطوه نظرة فاحصة يتميز بها ما كان صادراً عن كل شخصية من هذه الشخصيات، وخلطوا بعضه ببعض، فنقول له: قد قلت في صدر مقالك تذكر عناية المسلمين بأقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله وتصرفاته: "دونوها، وشرحوها، وضبطوا ألفاظها، وألفوا المعاجم في شرح غريبها، واهتموا بتفهم أسرارها، وتبين أغراضها، حتى كان من آثار ذلك أن نشأت علوم خاصة تعرف بعلوم السنة".
وكيف يشرحون أقواله وأفعاله وتصرفاته، ويهتمون بتفهم أسرارها وتبين أغراضها، وهم لم يعطوها نظرة فاحصة يتميز بين تلك الشخصيات، ويخلطون بعضها ببعض؟
ينسب الكاتب إلى المسلمين أنهم لم يتتبعوا المروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يعطوه نظرة فاحصة ... إلخ ما قال، وكذلك قال الدكتور زكي مبارك في مقاله المشار إليه فيما سلف: "إن شخصية النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تدرس حق الدراسة إلى اليوم في البيئات الإِسلامية؛ لأن المسلمين يجعلونه رسولاً في جميع الأحوال".
والحق أن علماء السلف قد تتبعوا المروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأعطوه نظرة فاحصة، وميزوا ما كان صادراً عن تبليغ، وما كان صادراً عن فتوى، وما كان صادراً عن قضاء، وما كان صادراً عن الإمامة، ورتبوا على كل منها آثاره، غير أن آثار الإفتاء هي آثار التبليغ، فما كان صادراً عن إفتاء أو تبليغ، فهو شريعة دائمة، وينفذ على النحو الذي ورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،