هذه الشخصيات، هو السبب في رمي الأشخاص بالكفر والزندقة، والواقع أن الرمي بالكفر والزندقة قد ينشأ عن الضعف في العلم، وقد ينشأ عن هوى وضغن في النفس، وقد يقضي به الرسوخ في العلم، وقوة البصر بالحد الفاصل بين الإيمان والكفر، فالرمي بالكفر والزندقة قد يكون ظلماً، وقد يكون حقاً، وقد نظر العلماء فيما يسميه الكاتب:"شخصيات الرسول"، وميزوا ما كان صادراً عن كل شخصية منها، وما زال الناس يرمون الأشخاص بالكفر والزندقة، مرة بالحق، ومرة بالباطل، وإذا أراد الكاتب من إلقاء نظرة على المروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تمييزاً لتلك الشخصيات غير تمييز أهل العلم، وترتيب آثار غير الآثار التي رتبوها عليها، فما يدرينا أن باب الرمي بالكفر والزندقة سيغلق، أو سيفتح بجانبه باب آخر أو أبواب؟.
وقال كاتب المقال في هذه الجمل:"لو ميزنا ما كان صادراً عن كل شخصية، لعلم الجميع ما هو شرع دائم عام لا سبيل إلى مخالفته أو الخروج عنه، وما هو تشريع خاص أو مؤقت لهم أن يتصرفوا فيه بما تقضي به المصلحة".
لعلك أيها القارئ الكريم تذكر أن الكاتب قال في حديثه عما يصدر عنه - عليه الصلاة والسلام - بشخصية الرسول:"والمسلمون مكلفون به كما تلقوه عنه في عمومه أو خصوصه، وفي دوامه أو توقيته"، ولكنه هنا رتب معرفة ما هو شرع دائم عام، وما هو تشريع خاص أو مؤقت على تمييز ما كان صادراً عن كل شخصية! وظاهر من كلامه هنا أنه يريد بالشرع الدائم: ما كان صادراً عن وحي، ولهذا قال: لا سبيل إلى مخالفته، أو الخروج عنه، ويريد بما هو تشريع خاص أو مؤقت: ما كان صادراً عن الإمامة أو الفتوى أو القضاء؛ لأن