من قرابتهم لعثمان وسيلة إلى الطعن في عثمان، فوجد فريق يوافقون أصحاب تلك الدعاية السرية في الطعن في عثمان نفسه، وإن كان فريقان يختلفان في الباعث على هذا الطعن، فاصحاب تلك الدعاية السرية يريدون تفريق كلمة المسلمين، أو إفساد دينهم، والفريق الثاني إنما يريد نقل الخلافة من عثمان إلى غيره؛ كراهة لبعض عماله، أو رجاء أن يجد في خلافة غيره ولاية أو غنيمة.
وتكوّن من الفريقين جمع يتمضمضون بالطعن في عمال عثمان، ويتعدون بالطعن إلى عثمان نفسه، ينسبون إليه أشياءَ زوراً، ويذكرون بعض أعماله على غير وجهها الصحيح، وكان عثمان يقابل زعماء هذه الدعاية باللين، ولا يزيد على أن يدفعهم بالحجة.
كان جماعة من أهل الكوفة قد أظهروا العداء لعثمان، فأبلغ سعيد بن العاص عثمانَ خبرهم، فكتب إليه بإرسالهم إلى معاوية، وكتب إلى معاوية: أن نفراً خلقوا للفتنة، فقم عليهم، وانههم، وإن آنست منهم رشدًا، فاقبل، وإن أعيوك، فارددهم إليّ.
فانزلهم معاوية، وأجرى عليهم من الرزق ما كان لهم بالعراق، ولكن معاوية بعد محادثتهم، استصغر عقولهم، واحتقر شأنهم، وكتب إلى عثمان يقول له: إنه قدم عليّ أقوام ليس لهم عقول ولا أديان، أضجرهم العدل، لا يريدون الله بشيء، ولا يتكلمون بحجّة، وإنما همهم الفتنة، وليسوا بالذين ينكون أحدًا إلا مع غيرهم، فانه سعيداً عنهم، فإنهم ليسوا كثر من شغب ونكير.
ومما جعل عمال عثمان يوسعون صدصرهم لهؤلاء الطاعنين، ولا يبادرون