لثورتهم عليه، ومن هذه الأشياء ما هو مفترى على عثمان قطعاً، ومنها ما لو صحّ، لم يكن موضع إنكار، وإنما هو من قبيل ما يرجع إلى اجتهاد الإمام، ويقع مثله من الخلفاء الراشدين، ومنها ما يعد في حسناته وصالح أعماله.
وها نحن هؤلاء نعرض على حضراتكم ما قصه المؤرخون وبعض المحدثين من الأمور التي طعن بها الطاعنون في عثمان، وجعلوها أسباب قيامهم عليه:
قالوا: ولَّى عمالاً من ذوي قرابته، وزعموا أنهم ليسوا أهلاً للولاية.
وذكروا: معاوية بن أبي سفيان، والوليد بن عقبة، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وسعيد بن العاص، وعبد الله بن عامر، ومروان بن الحكم.
ويدفع هذا بأن تعيين الولاة يرجع إلى اجتهاد الإمام، وتقوى عثمان، وإخلاصه في سياسة الرعية يجعلنا على ثقة من أنه ولَّى بعض ذوي قرابته بعد أن عرف كفايتهم للأعمال، والمعيب أن يولي قريباً لا يكون كافياً للعمل، أو يؤثره في الولاية، وهو على علم بن غيره أكفى منه، ثم إن معاوية ولّاه الشام عمر بن الخطاب، ولم يزد عثمان على أن أقرّه على الولاية، وكذلك الوليد بن عقبة كان عاملاً لعمر بن الخطاب على الجزيرة، وكان من عثمان أن ولّاه الكوفة، فقدمها وسار في الناس خمس سنين سيرة حسنة، حتى اتهمه جماعة بشرب الخمر، فاستقدمه عثمان، وأقام عليه الحد، وولّى مكانه سعيد بن العاص، وسعيد بن العاص نشأ يتيماً في حجر عثمان، ثم انتقل إلى الشام، وأقام بها عند معاوية، فذكره عمر بن الخطاب يوماً، واستقدمه إلى المدينة، وأكرمه، وكان شريف النفس، سخي اليد، فصيح