وأما عبد الله بن عامر بن كريز، فكان ابن خال عثمان، وأمه أمها أم حكيم ابنة عبد المطلب، عمة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعبد الله بن عامر هذا نشأ في الإسلام نشأة طيبة، وكان معدودًا من نجباء قريش وكرمائهم، ولّاه عثمان عاملاً بالبصرة عند اختلاف أهلها على أبي موسى الأشعري، وكان سن عبد الله بن عامر يومئذ خمساً وعشرين سنة، فقاد الجيوش، وفتح خراسان وسجستان وكرمان، وما زال يطارد كسرى يزدجرد حتى قتل كسرى، وانقرضت على يده الدولة الساسانية، وكان لكرمه وحسن خلقه يحبه الناس.
وأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فكان عثمان استعمله على الحرب في مصر، وأبقى عمرو بن العاص على الخراج، ثم وقع خلاف بينهما، فاستقدم عثمان عمرو بن العاص، وصارت إمارتا الخراج والحرب إلى عبد الله بن سعد.
وذكر ابن عبد البر في كتاب "الاستيعاب" سبباً لعزل عمرو بن العاص، هو أن الإسكندرية انتقضت سنة ٢٥ هـ فافتتحها عمرو بن العاص، وعاملهم معاملة الناقضين للعهد، ولم يصح عند عثمان نقضهم، فعزله، وولى عبد الله ابن سرح، فاعتزل عمرو إلى ناحية بفلسطين، وكان يزور المدينة أحياناً.
ويدلكم على أن ولاية عبد الله بن سعد لم تقع موقع الإنكار من الصحابة: أن عثمان أمره بفتح أفريقية، فسار إليها في جيش مؤلف من كثير من الصحابة وأبناء الصحابة، منهم: عبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن جعفر، والحسن، والحسين، وعبد الله ابن عمرو بن العاص.