ابن إبراهيم في جماعة من القرشيين، فحادثهم في سياسة هشام، حتى قال لهم:"وأنا أشهد أن يزيد ليس شراً من هشام، فما لكم! "، ولما انصرف، قال سعد لأصحابه: مدة حياة هذا قصيرة.
وشعر هشام من زيد هذا الطموح، مضافاً إلى عبقرية زيد، واستجماعه لخصال الفضل، وكان زيد بالكوفة، فأرسل هشام إلى عامله على الكوفة، وهو يوسف بن عمر النقعي، يأمره بن يوجه زيداً إلى الحجاز، فغادر زيد الكوفة إلى الحجاز، ولما بلغ "العزيب" لحقته الشيعة، وأخبروه أن الناس مجمعة عليه، ولم يزالوا يلحفون عليه حتى رجع، وأقام بالكوفة سنة يبايعه الناس على الخلافة خفية، وبايعه جماعة من أعلام الفقهاء، مثل: منصور بن المغنمي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وابن شبرمة، وغيرهم، ويقال: إن أبا حنيفة - رضي الله عنه - أرسل إليه ثلاثين ألف درهم، وحث الناس على مناصرته.
وظهر زيد معلناً أمره في محرم سنة إحدى أو اثنتين وعشرين ومئة، ونشبت الحرب بينه وبين يوسف بن عمر عامل هشام على الكوفة، ولم تدم الحرب أكثر من ثلاثة أيام، وأدرك الفشل أتباع زيد، فتفرقوا عنه، وكانت العاقبة أن أصاب زيداً سهم في جبهته، فحمله أصحابه، ومات من هذه الإصابة كريماً شهيداً - تغمده الله برحمته -، وكان يتمثل يوم قتل بقول القائل:
أذل الحياة وعز الممات ... وكلاً أراه طعاماً وبيلا
فإن كان لا بد من واحد ... فسيروا إلى الموت سيراً جميلا
وصُلب زيد بعد موته حيناً، وإليه يشير أبو الحسن محمد بن عمران الأنباري بقوله من القصيدة التي رثى بها الوزير ابن بقية، وقد صلب هذا