يدلوه على الظالمين من عماله، وهذا من شواهد نصحه فيما تولاه من الإمارة، وكذلك يكون حال من يتقلد الولاية ليعمل صالحًا، أما من يتقلدها للمباهاة، واتباع الشهوات، وطول الباع في اضطهاد الضعفاء، فلا يرتاح له بال إلا أن يضع على أفواه دعاة الإصلاح كمائم، أو ينفيهم من الأرض.
* ولايته الخلافة:
تولى الخلافة بعهد من سليمان بن عبد الملك، ومبايعة الناس له عند وفاة سليمان سنة ٩٩، وكان يقول للرجل: بايعني بلا عهد ولا ميثاق، تطيعني ما أطعت الله، فإن عصيت الله، فلا طاعة لي عليك، فيبايعه على ذلك.
* تخليه عن أبهة الملك:
لما ولي الخلافة، قام الناس بين يديه، فنهاهم عن ذلك، وقال: يا معشر الناس! إن تقوموا نقم، وإن نقعدوا تقعد، فإنما يقوم الناس لرب العالمين. وأذن للمظلومين أن يدخلوا عليه بغير إذن، وقال: ألا إنه لا إذن على مظلوم دوني، وأنا معول كل مظلوم.
ولما فرغ من دفن سليمان بن عبد الفلك، قدّموا إليه مراكب الخلافة: اليراذين، والخيل، والبغال، فقال: ما هذا؟ قالوا: مراكب الخلافة. فقال: دابتي أوفقُ لي، فركب بغلته، فجاء صاحب الشرطة يسير بين يديه بالحربة، فقال: تنحَّ عني، مالي ولك! إنما أنا رجل من المسلمين.
* عدم حرصه على الخلافة:
كان عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك حين توفي سليمان غائباً، وحين علم بوفاته، أخذ البيعة لنفسه، وبلغه بعد ذلك مبايعة الناس لعمر بن عبد العزيز بعهد سليمان، فقدم دمشق، واعتذر لعمر بأنه لم يبلغه أن الخليفة