نظره سواء، فخرج الرجل إليهم، وقال: يا معشر بني أمية! عمدتم إلى صاحبكم (يعني: عبد العزيز بن مروان)، فزوجتموه بنت ابن عمر (يعني: عاصماً)، فجاءتكم بعمر بن الخطاب ملفوفاً في ثيابه، فلا تلوموا إلا أنفسكم.
ويدلكم على رسوخه في فهم ما جاء به الإسلام من المساواة: أن رجلاً دخل على سليمان بن عبد الملك، وشتمه في مجلسه، وكان عمر بن عبد العزيز في المجلس، فقال سليمان لعمر: ماذا ترى عليه يا أبا حفص؟ فقال: أرى عليه أن تشتمه كما شتمك، وتشتم أباه كما شتم أباك.
* عدم قبوله للهدية بعد الولاية:
لما كان بعض الولاة يتناولون الرشوة باسم الهدية، صرح هذا الخليفة بأن الهدية للوالي رشوة لا محالة؛ حتى يطهر دولته من نجاسة الارتشاء، ويقطع أسبابها.
ورد في سيرته: أنه اشتهى مرة تفاحاً، فقال: لو كان لنا شيء من التفاح؛ فإنه طيب الريح، طيب الطعم، فقام رجل من أقاربه، فأهدى إليه تفاحًا، فرده عليه، فقيل له: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأكل الهدية؛ فقال: إن الهدية كانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - هدية، وهي لنا رشوة.
وإنما كانت الهدية للنبي - صلى الله عليه وسلم - هدية؛ لأنه معصوم من الجور، فلا يعقل أن يكون لها أثر في تصرفاته العامة، أو فيما يفصل فيه من الأحكام.
* عدم توليته لمن كان عاملاً لظالم غشوم:
لا يخلو من تولى عملاً لظالم غشوم أن يجري على يده شيء قليل أو كثير من الظلم، ومن اعتاد على الظلم، لا يصلح للعمل في دولة العدل،