الشاعر، وقال له: يا أمير المؤمنين! كبرت سني، ودق عظمي، وبليت ببنيّات نفضتُ عليهن من لوني، فكسدن عليّ، فرقّ له، ووصله بعطاء.
* مبادرته برد المظالم:
ما يفعله رجال الحكومات قد يكون على وجه الاجتهاد للمصلحة؛ كالأحكام التي يصدرها القضاة في القضايا الشخصية، فهذه لا يصح لمن أتى بعدهم أن ينقضها، ولو ظهر له أنهم كانوا مخطئين في اجتهادهم، إلا أن يجيء الحكم مخالفاً لصريح الكتاب أو السنة أو القواعد القطعية، فإنه ينقض في كل حال.
أما ما يفعلونه استبداداً وعدواناً، فهذا ما يجب على من أتى بعدهم أن ينظر في شأنه، ويرده عليهم بكل قوة، وكذلك فعل عمر بن عبد العزيز، فإنه بعد أن دفن سليمان بن عبد الملك، ذهب يطلب مقيلًا ليستريح من تعب السهر قليلاً، فقال له ابنه عبد الملك: أتقيل ولا ترد المظالم؟ فقال: أي بني! سهرت البارحة في أمر عمك سليمان، فإذا صليت الظهر، رددت المظالم، فقال له ابنه: من لك أن تعيش إلى الظهر؟! فخرج ولم يَقِل، وأمر مناديه أن ينادي: ألا من كانت له مظلمة، فليرفعها.
ثم كتب إلى عماله يأمرهم برد المظالم إلى أصحابها من غير تباطؤ في ردّها، أو يراجعه في شأنها.
* إجراؤه لقاعدة المساواة:
كان الخلفاء قبله يؤثرون بني أمية بكثرة العطاء، ولما تولى عمر، سوّاهم في العطاء بغيرهم، فبعثوا إليه رجلاً ليكلمه في شأنهم، فدخل عليه، وخاطبه في ذلك، فأجابه عمر بجواب دله فيه على أن بني أمية وسائر المسلمين في