للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حقها من التعليم، والآباء الذين يستطيعون الوسيلة إلى أن يكون أبناؤهم على تربية دينية صادقة، ولم يفعلوا، إنما يحاربون الله في أرضه، ويكثرون سواد الأرصل الخبيثة، والزائغون عن الحق أشد ضرراً من ذوات السموم القاتلة؛ ذلك لأنهم يفسدون القلوب، وذوات السموم تفسد الأجسام، وفساد القلوب أسوأ عاقبة من فساد الأجسام.

* عدله في الرعية:

الأمير العادل هو الذي يستوي في نظره القوي والضعيف، والقريب والبعيد، ولا يستقيم أمر أمة حتى يكون القابض على زمامه فعّالاً لما يراه الحق، ولا يكون لأولي القربى أثر في نفسه إلا أن يهيئ لهم عزماً صارماً يكف بأسهم، ويعلمهم كيف يحترمون حقوق غيرهم، وكذلك كان عمر ابن عبد العزيز.

وكان - رضي الله عنه - كثيراً ما يركب، فيلقى الركبان، ويسألهم عن أخبار ما وراءهم من البلاد، خرج يوماً هو ومولاه مزاحم، فلقيهما راكب من أهل المدينة، وسألاه عن حال الناس بها، فقال: "إني تركت المدينة والظالم بها مقهور، والمظلوم بها منصور، والغني موفور، والعائل مجبور"، فسر عمر بذلك، وقال: "والله! لأن تكون البلدان كلها على هذه الصفة أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس".

بسط ظلال العدل، وأصبح الناس في كثير من النواحي على حال يسر، حتى لا يوجد من بينهم من يقبل الصدقة، قال يحيى بن سعيد: بعثني عمر ابن عبد العزيز على صدقات إفريقية، وطلبت فقراء نعطيها لهم، فلم نجد بها فقيراً، ولم نجد من يأخذها مني، وقد أغنى عمر بن عبد العزيز الناس،