لو فكرت في حال الولاة الذين يسمتخفون بمقامات أهل العلم، لرأيتهم بين ثلاثة رجال: رجل جاهل، والجاهل لا يعوف فضل العلم حتى يجل أهل العلم.
ورجل صغير النفس، عظيم في عينه المنصب، وأخذه التعاظم بالإثم؛ فتخيل أنه سيد من في الأرض، وأن مقامه أرفع من كل مقام.
ورجل قصير النظر، يحسب أن إجلاله لأحد من مرؤوسيه - وإن كان عزير العلم، رفيع القدر - يذهب بجانب من مهابته.
وكان عمر بن عبد العزيز غزير العلم، كبير الهمة، بعيد النظر، فلا جرم أن يقدر العلماء المستقيمين قدرهم، ويعينهم على الاحتفاظ؛ بكرامتهم حتى يكون لتعليمهم وإرشادهم ثمر رطب، ولا تحيا أمة أو ترقى في سماء المجد إلا أن يكون فيها علماء مخلصون محترمون.
أرسل عمر بن عبد العزيز أيام ولايته على المدينة إلى سعيد بن المسيب رسولًا يسأله عن مسألة، وكان سعيد لا يأتي أميراً ولا خليفة، فاخطأ الرسول، فقال له: الأمير يدعوك، فقام سعيد بن المسيب طاعة لولي الأمر، فلما دخل على عمر، قال له عمر: عزمت عليك يا أبا محمد إلا رجعت إلى مجلسك حتى يسألك رسولنا عن حاجتنا، فإنا لم نرسله يدعوك، وإنما أرسلناه يسألك، فأخطأ.
* قبوله للوعظ والنصيحة:
نجد في كتب الأدب والتاريخ مواعظ كثيرة، وخطباً تشتمل على نصائح