يحيى بن يحيى بن بكير أقام عند مالك بعد أن فرغ من سماع الحديث عنه، وقال: إنما أقمت مستفيداً لشمائله، فإنها شمائل الصحابة والتابعين.
وكان ربيعة إذا جاء مالك يقول: قد جاء العاقل.
وقال زياد بن يونس: كان - والله - مالك أعظم الخلق مروءة، وكثرهم سمتاً، ورأيته كثير الصمت، قليل الكلام، متحفظاً للسانه.
وقال ابن المبارك: كان مالك أشد الناس مداراة للناس، وترك ما لا يعنيه.
وكان مالك يحافظ على فضيلة الإنصاف، ويقول: ليس في الناس أقل من الإنصاف، فأردت المداومة عليه، وكان- على اعتزازه بمقامه العلمي - شديد التواضع. قال له ابن القاسم: ما أعلم أحداً أعلم بأحكام البيوع من أهل مصر، فقال له: وبم ذلك؟ قال: بك، قال مالك: فأنا لا أعرف البيوع، فكيف يعرفونها بي؟!.
ويدلكم على رسوخه في الإنصاف والتواضع، دايثار الحق على حب الانفراد بالإمامة: أن أبا جعفر المنصور قال له: إني قد عزمت أن آمر بكتبك هذه التي وضعتها (يعني: الموطأ) فننسخ نسخاً، ثم أبعث إلى كل مصر من أمصار المسلمين منها نسخة، وآمرهم أن يعملوا بما فيها، لا يتعدوها إلى غيرها، ويدَعوا ما سوى ذلك من هذا العلم. فقال له مالك: يا أمير المؤمنين! لا تفعل؛ فإن الناس قد سبقت إليهم أقاويل، وسمعوا أحاديث، ورووا روايات، وأخذ كل قوم بما سبق إليهم، وعملوا به، ودانوا به من اختلاف الناس: أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم، وإنَّ ردهم عما اعتقدوه شديد، فدع الناس وما هم عليه، وما اختار كل أهل بلد لأنفسهم.