للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلا وأنا أجعله في حل من ذلك الوقت؛ لقرابته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وجعفر هذا فاطمي من جهة أمه؛ فإن أمه هي أم الحسن بنت جعفر بن حسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.

وقال الدراوردي سمعت مالكاً حين ضربه جعفر يقول: اللهم اغفر لهم فإنهم لا يعملون.

وازداد قدر مالك بعد هذه المحنة رفعة، وعظَّمه الناس أكثر مما كانوا يعظونه.

* اختياره العزلة في آخر حياته:

كان مالك يشهد الجنائز، ويعود المرضى، ويجلس في المسجد، ويجتمع إليه أصحابه، ثم ترك الجلوس في المسجد، فكان يصلي وينصرف إلى مجلسه، وترك حضور الجنائز، فكان يأتي أهلها فيعزيهم، ثم ترك ذلك كله، واحتمل الناس له ذلك حتى مات، وروي أنه خوطب في ذلك، فقال: ليس كل الناس يقدر أن يتكلم بعذره، وروي أنه عندما حضرته الوفاة، سئل عن تخلفه عن المسجد، فقال: سلس بول، فكرهت أن آتي مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على غير طهارة، وكرهت أن أذكر علّتي فأشكو.

* نعته:

كان مالك طويلاً، جسيماً، عظيم الهامة، أعينَ، شديد البياض إلى شقرة، حسن الصورة، أشم، عظيم اللحية تبلغ صدره، ذات سعة وطول. وكان يأخذ أطراف شاربه ولا يحلقه، ولا يحفيه، ويرى حلقه من المُثْلَة، وكان يترك له سَبَلتين (١) طويلتين، ويحتج بأن عمر - رضي الله عنه - كان يفتل شاربه


(١) السبلة: ما على طرف الثياب.