للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روي أنه كان جالساً مع أبي جعفر، فعطس أبو جعفر، فشمته مالك، فلما خرج، أنكر عليه الحاجب ذلك، وتهدده إن عاد لتشميته، فلما كان بعد ذلك، جلس عنده، فعطس أبو جعفر، فنظر مالك إلى الحاجب، ثم قال للمنصور: أي حكم تريد يا أمير المؤمنين، أحكم الله، أم حكم الشيطان؟ قال: لا، بل حكم الله، قال: "يرحمك الله".

* محنته:

من المعروف في تاريخ مالك بن أنس أنه ضُرب بالسياط (١)، واختلف المؤرخون في الخليفة الذي ضرب في عهده، هل هو المنصور، أو هارون الرشيد؟ والمشهور أنه ضرب في عهد المنصور، والضارب له جعفر بن سليمان ابن علي بن عبد الله بن العباس في ولايته الأولى بالمدينة المنورة.

أما سبب ضربه، فأكثر الرواة على أنه سعى به إلى جعفر، وقيل له: إنه لا يرى أيمان بيعتكم بشيء؛ فإنه يأخذ بحديث قيس بن ثابت بن الأحنف في طلاق المُكْرَه أنه لا يجوز، ويضيفون إلى هذا: أنه ذكر لجعفر أنه - أي: الإمام - أفتى عند قيام محمد بن عبد الله بن حسن العلوي بن بيعة أبي جعفر لا تلزم؛ لأنها على الإكراه (٢).

ولما حج المنصور، أراد إرضاء مالك، فأرسل إليه جعفرَ بن سليمان ليقتص منه، فقال مالك: أعوذ بالله، والله! ما ارتفع منها سوط عن جسمي


(١) ضرب سنة ١٤٦ ست وأربعين ومئة. وقال ابن الجوزي في "شذور العقود" في حوادث سنة ١٤٧: وفيها ضرب مالك.
(٢) وخالف هؤلاء الرواة ابن بكير، وقال: ما ضرب مالك إلا في تقديمه عثمان على علي، فسعى به الطالبيون حتى ضرب.