الفهري، فقتل عبد الرحمن، وحكم على أخيه محمد بالسجن الدائم.
ثم إن محمداً - وكان يكنى: أبا الأسود - اتخذ حيلة تخلص بها من السجن، ولحق بطليطلة، ودعا إلى نفسه، واستمال الناس، ووقعت بينه وبين عبد الرحمن واقعة انتصر فيها عبد الرحمن، وانهزم جيش أبي الأسود، وفر أبو الأسود إلى ناحية بغرب الأندلس، وتوفي هناك.
وقام بعد أبي الأسود أخوه قاسم بن يوسف، فخرج إليه عبد الرحمن، فلما دنا منه، سلم إليه نفسه في غير أمان، فتقبله، وأحسن إليه.
وفي سنة ١٤٦ تجهز العلاء بن مغيث اليحصبي عامل أفريقية لغزو الأندلس، فعبر البحر، ونزل بجيشه في "باجة" داعياً إلى أبي جعفر المنصور. فخرج عبد الرحمن لقتاله، وتلاقيا بظاهر "إشبيلية"، فانهزم جيش ابن مغيث، وقتل ابن مغيث مع كثير من أصحابه، وبعث عبد الرحمن برؤوسهم إلى القيروان، فألقيت في أسواقها سراً.
وتفرغ عبد الرحمن بعد هذا لغزو بلاد الإفرنج، وتم له النصر على جميع أعدائه.
وتوفي عبد الرحمن على فراشه في قرطبة ١٧٣، فكانت ولايته اثنتين وثلاثين سنة، ودفن بجانب من المسجد الجامع الذي بناه.
ومن آثاره: بناؤه المسجد الجامع بقرطبة، ولكنه مات قبل إتمامه، ودوّن الدواوين، وزيّن قرطبة بالمباني الضخمة، والحدائق الغناء، وأدار أسوارها.
وكان يقعد للعامة، وينظر أمورهم بنفسه، ومن عاداته: أن يتناول معه الطعام كل من أدركه من أصحابه وقت الطعام، وكل من وافق ذلك