عطاء الغزال، وصاحبه عمرو بن عبيد، وكانا يجالسان الحسن البصري المتوفى سنة ١١٦، ثم اعتزلاه في نفر كانوا على رأيهما، وظهر بعد هؤلاء طبقة أخرى، من زعمائها: إبراهيم بن سيار النظام المتوفى سنة ٢٢١، ومحمد بن الهذيل العلاف المتوفى سنة ٢٣٥، وأحمد بن أبي داود المتوفى سنة ٢٤٠، وبشر المريسي المتوفى سنة ٢١٨، ثم عمرو بن بحر الجاحظ المتوفى سنة ٢٥٠، وظهر بعد هؤلاء طبقة من رجالها: أبو علي محمد الجبائي المتوفى سنة ٣٠٣، وهو أستاذ أبي الحسن الأشعري، وأبو القاسم عبد الله الكعصي المتوفى سنة ٣١٧، وإليه تنسب الفرقة الكعبية، وأبو هاشم عبد السلام بن أبي علي الجبائي المتوفى سنة ٣٢١، وإليه تنسب الفرقة البهشمية، فالكعبي وأبو هاشم كانا معاصرين لأبي الحسن الأشعري.
وظهر مذهب الاعتزال لذلك العهد؛ إذ كان لكثير من زعمائه البراعة في البيان، والوجاهة عند رجال الدولة، فعمرو بن عبيد كان رفيع المنزلة عند المنصور، وكان المجلس الذي يعقده البرامكة لأصحاب المقالات ينتظم من أبي الهذيل العلاف، وإبراهيم النظام، وبشر بن المعتمر، وجعفر بن حرب، وثمامة بن أشرس، وجعفر بن بشر، وكلهم من زعماء الاعتزال. وأحمد بن أبي دؤاد كان وجيهاً لدى المأمون، وتولى قاضي القضاة في خلافة المعتصم، وهو الذي امتحن الإمام أحمد بن حنبل، وحاول إلزامه القول بخلق القرآن الكريم، وكذلك كان أبو دؤاد في عهد الواثق؛ ولما تقلد المتوكل الخلافة، أصيب ابن أبي دؤاد بفالج، فخلفه في القضاء ابنه محمد بن أحمد، ثم صرفه المتوكل عن القضاء، وولى مكانه يحيى بن أكثم، وكان يقتدي بمذهب أهل السنة.
ومن أسباب ظهور الاعتزال: أن بعض زعمائه كانوا يتصدون للرد