على الخارجين عن الملة من نحو الملاحدة والطبعيين، كما ردّ واصل الغزالي على المانوية، ورد أبو هاشم بن أبي علي الجبائي على القائلين بالطباع، ورد أبو الحسين بن أبي عمر الخياط على ابن الراوندي في كتاب "الانتصار"، وكانوا يدرسون الفلسفة، ويتناولون آراء رجالها بالنقض، فلأبي هاشم هذا كتاب "النقض على أرسطاليس في الكون والفساد".
ومما نقرؤه في ترجمة النظام: أن جعفر بن يحيى البرامكي ذكر أرسطاليس، فقال النظام: قد نقضت عليه كتابه، فقال جعفر: كيف وأنت لا تحسن أن تقرأه! فقال النظام: أيهما أحب إليك: أن أقرأه من أوله إلى آخره، أم من آخره إلى أوله؟ ثم أخذ يذكره شيئاً فشيئًا، وينقض عليه، فتعجب جعفر منه.
ودراسة المعتزلة للفلسفة أفادت في ردهم على بعض الفلاسفة والملاحدة، ولكن انحرفت ببعض آرائهم عن قصد السبيل، فتعسفوا في تأويل نصوص من الكتاب والسنّة؛ ظنًا منهم أن الفلسفة تتعاصى عن قبول ما تدل عليه هذه النصوص، ولم يكن المعتزلة في المسائل التي تعزى إليهم على رأي واحد، بل كانوا يختلفون في بعض الآراء، وقد ينتصب بعضهم لتفنيد آراء بعض، كما ألّف جعفر بن حرب في الرد على أبي الهذيل العلاف كتاباً سماه:"توبيخ أبي الهذيل"، وبالغ في الرد عليه حتى أشار إلى تكفيره.
وزاد مذهب الاعتزال في القرن الثاني والثالث رواجاً أن أهل السنّة كانوا لا يعنون بمجادلتهم على طريقة نظرية يرخي فيها الخصم لخصمه العنان، ثم يدفع شبهه شبهة بعد أخرى، وينقض أدلته دليلاً بعد دليل، وكان الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - يكره التصدي لمجادلة المبتدعين، حكى عنه الغزالي