للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* حياته الخلقية:

تلاقي العلامة الكبير أحمد تيمور باشا، فتشهد طلاقة محيا، وابتسامة تملأ ناظريك أنساً، فإذا مد يده إلى مصافحتك، انحنى قليلاً ليخالف عادة المترفين الذين يرفعون رؤوسهم في شيء من التعاظم والخيلاء.

وفي الناس من تجلس إليه ساعة من ليل أو نهار، فلا يلبث أن ينطلق في حديثه إلى شيء من الافتخار بما عنده، أما تيمور باشا، فحرام أن تسمع منه كلمة تومئ إلى فخر، ولو من طريق بعيد.

عرف الفقيد بالتواضع، وهو الخلق الذي كان يجذب إليه قلوب أهل الفضل لأول ما تقع عليه أبصارهم، وأقول الساعة: إنه كان يتواضع في ألمعية وحكمة، وربما خفض جناح التواضع لذي فطرة سليمة لا يقيم له أولو النعمة وزنًا، أكثر مما يخفضه لذي جاه نافذ أو مقام نبيه، وله مع هذا التواضع مقامات يمثل فيها شمم العلماء، وعزة المؤمنين.

يزدري الفقيد مظاهر الأبهة التي تهوي إليها أفئدة كثير ممن هم عن طريق الحمد غافلون، وإذا أصبح يؤثر العزلة إلا قليلاً، فإنه ما برح يخوض غمار الاجتماع بما يقدمه من نتائج عرفانه وجلائل إحسانه.

يأخذ الفقيد بسنّة الوصل والقطع في الله، ويسير على هذه السنّة بعزم لا يهن، وقدم لا يتزلزل، وأسوق على هذا: أنه كان قد اشترك في صحيفة من صحف الأقطار البعيدة عن مصر، فجاءته يوماً تحمل مدحاً له وثناء، لكنها سمَّت في مقام آخر الخروج على الإسلام إصلاحاً، والخارجين عليه مصلحين، فما كان منه إلا أن أعادها قاطعاً الاشتراك فيها، وقال: لا حاجة له في مدح صحيفة تطعن في الشريعة الغراء.