للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما استنبطها العلماء من قبل أن تدوّن المذاهب والآراء.

والتحقيق أن معرفة المذاهب، ودرس أحكام الفقه مربوطة بأصولها مما يخطو بالعالم في سبيل الاجتهاد خطوات سريعة، لولا دراسة الفقه على هذا الوجه؛ لأنفق في بلوغها مجهودًا كبيراً، وزمنًا طويلًا. ثم إنه يأمن العثار والخطأ في الفتوى أكثر مما إذا لم يدرس أقوال الأئمة من قبله، وهذا ما يراه طائفة من الأصوليين؛ كأبي حامد الغزالي إذ قال: "إنما يحصل الاجتهاد في زماننا بممارسة الفقه، فهو طريق تحصيل الدربة في هذا الزمان".

وهذا مجمل ما ينقل عن السلف من حثّ الفقهاء على معرفة اختلاف أهل العلم من قبلهم.

قال هشام بن عبد الله الرازي: "من لم يعرف اختلاف الفقهاء، فليس بفقيه".

وقال عطاء: "لا ينبغي لأحد أن يفتي الناس حتى يكون عالماً باختلاف الناس؛ فإنه إن لم يكن كذلك، رد من العلم ما هو أوثق من الذي في يديه".

وقال سفيان بن عيينة: "أجرأ الناس على الفتوى: أقلّهم علماً باختلاف العلماء".

وقال سعيد بن أبي عروبة: "من لم يسمع الاختلاف، فلا تعدّه عالماً".

ولا يقصدون بهذا حفظ مجرد الخلاف، بل القصد أن يعرف أقوال السلف ومداركها.

* مواقع الإجماع:

يذكر الأصوليون في شرط المجتهد: أن يكون عارفاً بمواقع الإجماع، وهذا في الواقع شرط لصحة الاجتهاد بالفعل، وليس بشرط في بلوغ رتبة