الاجتهاد، وإنما أخذوا هذا شرطاً لصحته؛ لئلا يقرر الفقيه حكماً يخرج به عن الإجماع؛ إذ كل فتوى يخرق بها صاحبها الإجماع هي في نظر أئمة الدين باطلة.
وقد خفف الإمام الغزالي في هذا الشرط، فقال: ليس من واجبه أن يحفظ المسائل التي وقع عليها الإجماع، فالواقعة التي علم أنها كانت موضع اختلاف، والحادثة التي يعرف من حالها أنها وليدة عصره، ولم يقع لها مثيل في العصور المتقدمة، له أن يجتهد ويفتي فيهما بما قام الدليل على رجحانه، وإن لم يكن ملماً بالمسائل التي انعقد عليها الإجماع.
فإن وقعت الواقعة، ولم يكن قد بلغه أنه قد جرى فيها اختلاف، ولم يشق بأنها وليدة عصره، بحث ما استطاع، فإن لم يقف على أنها مسألة مجمع عليها، تناولها بالاجتهاد، وفصل لها حكماً مطابقاً.
* القياس:
هل يعد في شروط المجتهد أن يكون ممن يقول بأصل القياس؟
هذا ما يراه أبو إسحاق الإسفراييني، وعزا إلى الجمهور أنهم قالوا: إن نفاة القياس لا يبلغون درجة الاجتهاد، وأخذ به إمام الحرمين، وقال: علماء الشافعية لا يقيمون لأهل الظاهر وزناً.
ومن أهل العلم من لم يتمسك بهذا الشرط، وعدَّ الظاهريَّ الذي تحققت فيه الشروط الآنفة في قبيل أهل الاجتهاد، وينبني على هذا: أن يكون خلافهم معتدًا به، فلا إجماع فيما خالفوا فيه من الأحكام. وهذا ما ذكر الأستاذ أبو منصور البغدادي أنه الصحيح من مذهب الشافعية، وقال ابن الصلاح: إنه الذي استقر عليه الأمر.