ووقع في شريعة موسى - عليه السلام - نسخ الأخف بما هو أثقل منه؛ عقوبة على بعض المعاصي، قال تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (١٦٠) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} [النساء: ١٦٠ - ا ١٦]، ولا نعلم مثالاً لهذا في شريعتنا.
المعروف أن النسخ ثلاثة أقسام:
أولها: ما نسخ حكمه وتلاوته، ويسوقون في أمثلته: نسخ تحريم عشر رضعات بتحريم خمس رضعات، المشار إليه في حديث مسلم عن عائشة -رضي الله عنها -، قالت:"كان فيما نزل من القرآن عشر: رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات (١)، وتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهن فيما يقرأ من القرآن" أي: يقرؤها من لم يبلغه نسخها.
ثالثها: ما نسخ لفظه، وبقي حكمه، ومثاله: نسخ آية رجم الزاني المحصن مع بقاء الحكم، وشاهدهم على هذا: ما رواه ابن عباس - رضي الله عنه -، قال: قال عمر بن الخطاب وهو جالس على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إن الله قد
(١) النسخ في الواقع متوجه إلى قصر التحريم على العشر الرضعات، وجعلها أدنى ما يقع به التحريم، وإلا، عشر رضعات لم ينسخ, لأن تحريم الخمس الرضعات يقتضي تحريم العشر الرضعات بالأولى.