الحديث في أبواب كثيرة بحسب معانيه واختلافها، ثم قال:"ومن شرحه، ولم يستوف هذا فيه، فلم يوف حق الشرح؛ كابن بطال، وابن المهلب، وابن التين، ونحوهم، ولقد سمعت كثيراً من شيوخنا يقولون: شرح كتاب البخاري دين على الأمة، يعنون: أن أحداً من علماء الأمة لم يعرف ما يجب له من الشرح بهذا الاعتبار".
وقال بعضهم:"لعل ذلك الدين قُضي بشرحي ابن حجر العسقلاني، والعيني".
وأشار الشوكاني إلى أن في شرح ابن حجر المسمّى "فتح الباري" كفاية، فأجاب حين طلبوا منه وضع شرح للبخاري بقوله:"لا هجرة بعد الفتح".
* أثره في تثبيت دعائم الإِسلام:
للجامع الصحيح أثر كبير في توطيد أركان الشريعة، وحمايتها من أن تعبث بها أصابع الجاحدين، يشهد بهذا وجوه كثيرة.
ومن هذه الوجوه: أن الأحاديث الضعيفة لا يعتمد عليها في استنباط الأحكام العملية، وتلقي الأمة للجامع الصحيح بالقبول والتسليم، يجعل أحاديثه كلها صالحة لأن يحتج بها في تقرير الأحكام العملية، فالجامع الصحيح وضع أمام الباحثين عن أحكام الشريعة جانباً عظيماً من الأحاديث التي لا يترددون في صحتها, ولا يشتبه عليهم الحال في عدالة رجالها.
ومن هذه الوجوه: أن بقية الكتب الستة التي أصبحت مدار علوم الحديث؛ كصحيح مسلم، وسنن الترمذي إنما ظهرت بعد الجامع الصحيح، وكان له أثر في توجيه مؤلفيها، وإجادة سندهم في تأليفها.
قال الدارقطني: لولا البخاري، لما ذهب مسلم ولا جاء.