كلماته؛ ليمنع عن الغيب، فلا تشتغلوا به، ولا يتعرض أحدكم له. وأما نحو:(أسعد الله صباحكم)، فإنما ينكر حيث يوضع موضع تحية الإِسلام، فلو أضيف إلى التحية الإسلامية، لم يكن إضافته إليها من بأس.
ومما يفعله بعض الناس بدل حكايته الأذان والدعاء "اللهم رب هذه الدعوة التامة ... إلخ" الثابتين في الصحيح: أن يقول الشخص: "مرحبا بحبيبي وقرة عيني محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -"، ثم يقبل إبهاميه، ويجعلهما على عينيه، ولا نعلم لهذا الذي يفعلونه من سند يوثق به حتى يصح أن يقام مقام سنّة ثابتة.
ولا يدخل في البدعة ما يفتي به البالغ درجة الاجتهاد، وإن خالف الجمهور، وإنما هو رأي مرجوح، وآخر راجح، إلا أن تكون الفتوى مخالفة للنص الجلي من القرآن أو السنّة، أو القواعد القاطعة، أو الإجماع؛ فإن الفتوى تكون حينئذ زلة لا يصح البقاء عليها، أو المتابعة فيها.
والشاهد على ما نقول من أن الأعمال التي تستند إلى آراء اجتهادية - ولو كانت مرجوحة - لا تسمى بدعة: أن الأئمة المجتهدين يرون أقوال مخالفيهم بالنسبة إلى أقوالهم مرجوحة، ولا ينسبونهم إلى ضلال، ولا ينكرون على من يقتدي بهم في المذهب. وإجماعهم على أن حكم الحاكم يرفع الخلاف، شاهد على أن المجتهد لا يرى أن العمل يقول مخالفه بدعة، ولو كان في نظره بدعة، لما أفتى بإقراره، وهو يعلم أن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. فلا نسمّي الصلاة لغير الخسوف والكسوف؛ كالزلزلة، والربح الشديدة بدعة وضلالة، وصاحبها مبتدعاً ضالاً؛ لأنها مشروعة عند بعض الأئمة، وإن كانت أدلتهم فيما نرى، أو يرى الإِمام الذي تفقهنا على مذهبه،