للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكره هذه الألوان، فأقبل الحسن عليه، وقال: يا فرقد! أترى لُعاب النحل بلُباب البر بخالِص السمن، يعيبه مسلم؟!

ومن البدع التي يلبسها بعض المتصوفة بدعوى الزهد: أثواب ينشئونها من قطع مختلفة، وتسمى: المرقعات.

قال القاضي أبو بكر بن العربي في كتاب "العارضة": إن الثوب إذا خلق منه جزء، كان طرحُ جميعه من الكِبر والمباهاة والتكاثر في الدنيا. وإذا رقعه، كان بعكس ذلك كله، ورقع الخلفاء ثيابهم. والحديث مشهور عن عمر، وذلك شعار الصالحين، وسنة المتقين. حتى اتخذه الصوفية شعاراً،

فجعلته في الجديد، وإنشاء مرقعة من أصلها، وهذا ليس سنّة، بل هو بدعة عظيمة، داخل في باب الرياء، وإنما المقصود بالترقيع: الانتفاع بالثوب على هيئة البِلى.

ومن أقبح البدع: ما يوضع موضع سنّة؛ كالاستخارة بنحو المصحف والسبحة بدل الاستخارة الواردة في السنّة التي هي صلاة ركعتين بالفاتحة، - وسورتي: الكافرون، والإخلاص، ثم الدعاء "اللهم إني أستخيرك بعلمك إلخ"، ولو قال إنسان لآخر عند الملاقاة: (صباح الخير)، أو (أسعد الله صباحكم) - مثلاً - في موضع: السلام عليكم، لعد صنيعه هذا من قبيل وضع المحدث مكان السنّة. غير أن الفرق بين هذا المثال وما تقدمه: أن الاستخارة بنحو المصحف والسبحة ممنوعة في نفسها.

قال القاضي أبو بكر بن العربي في كتاب "الأحكام" بعد أن تكلم على التعرض للغيب: فإن قيل: فهل يجوز طلب ذلك في المصحف؟ قلنا: لا يجوز؛ فإنه لم يتبين المصحف ليعلم به الغيب، إنما بينت آياته، ورسمت