ثانياً: ما يكون بياناً لما جاء مجملاً في القرآن، فيتعين الأخذ بهذا البيان متى ورد في الصحيح؛ إذ لا بيان بعد بيان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فالله تعالى يقول:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤]. ومثال هذا: الأحاديث المفصلة لأحكام الصلاة أو الزكاة أو الصيام.
ثالثاً: ما يوجب حكماً لم يفهم إيجابه من القرآن؛ كحديث رجم الزاني المحصن، أو يحرم حكماً لم يفهم من القرآن تحريمًا؛ كحديث تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في عصمة، وحديث:"يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب".
وهذا النوع من الأحاديث هو الذي نريد بحثه في هذه المحاضرة لوجه خاص.
الحديث الشريف إن قرر حكماً سكت عنه القرآن، وجب الأخذ به لأنّ؛ السنّة أصل مستقل بالتشريع، وإن كانت رتبتها دون رتبة القرآن.
ولنا على هذا أدلة من القرآن والسنّة، وعمل الخلفاء الراشدين، وغيرهم من الصحابة - رضي الله عنهم -.
أما القرآن، فقد قال الله تعالى فيه:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[الحشر: ٧] وهذه الآية بأخذ كل ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أمر، والبعد عن كل ما نهى عنه، سواء أكان أمره أو نهيه بياناً لمجمل القرآن، أم تقريراً لحكم سكت القرآن عنه.
وقال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: ٥٩]، والأمر بإطاعته بعد الأمر بإطاعة الله يشمل ما أمر به أو