في هذا الحديث: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، يعني: البخاري ومسلماً.
ثم اعترف ابن خلدون بعدُ بأن بعض الأحاديث خلص من النقد إذ قال: فهذه جملة الأحاديث التي خرجها الأئمة في شأن المهدي، وخروجه آخر الزمان كما رأيت لم يخلص منها من النقد إلا القليل، والأقل منه.
ونحن نقول: متى ثبت حديث واحد من هذه الأحاديث، وسلم من النقد، كفى في العلم بما تضمنه من ظهور رجل في آخر الزمان يسوس الناس بالشرع، ويحكمهم بالعدل، إذ أريناك أن مسألة المهدي لم تكن من قبيل العقائد التي لا تثبت إلا بالأدلة القاطعة.
والصحابة الذين رويت من طرقهم أحاديث المهدي نحو ٢٧ صحابياً - رضي الله عنهم -، منهم: أبو سعيد الخدري، وعبد الله بن مسعود، وعلي بن أبي طالب، وأبو هريرة، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأم سلمة، وعبد الله ابن عمرو بن العاص، وعمار بن ياسر، والعباس بن عبد المطلب، وتميم الداري، وابن عباس.
والواقع أن أحاديث المهدي بعد تنقيتها من الموضوع، والضعيف القريب منه، فإن الباقي منها لا يستطيع العالم الباحث على بصيرة أن يصرف عنه نظره، كما يصرفه عن الأحاديث الموضوعة.
وقد صرح الشوكاني في رسالته المشار إليها آنفاً بأن هذه الأحاديث بلغت مبلغ التواتر، فقال:"والأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها، منها خمسون فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، وهي متواترة بلا شك، بل يصدق وصف التوإتر على ما دونها على جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول".