وقد روى أحاديث المهدي المصرَّح فيها باسم المهدي، أو المشار فيها إلى بعض صفاته بقية كتب الحديث، فرواها الإمام أحمد بن حنبل، والحاكم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والطبراني، وأبو نعيم، وابن أبي شيبة، وأبو يعلى، والدارقطني، والبيهقي، ونعيم بن حماد، وغيرهم. وجمعت هذه الأحاديث في رسائل مستقلة؛ مثل:"العرف الوردي في أخبار المهدي" للسيوطي، و"القول المختصر في علامات المهدي المنتظر" لابن حجر الهيثمي، و"البرهان في علامات مهدي آخر الزمان" لابن حسام الدين أحد تلاميذ ابن حجر، و"المورد الوردي في حقيقة المهدي" لملا علي قاري، و"التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح" للشوكاني.
وأول من اتجه إلى نقد أحاديث المهدي فيما عرفناه: أبو زيد عبد الرحمن ابن خلدون، فقد ذكر في "مقدمة تاريخه": أن في الناس من أنكروا أحاديث المهدي، وتكلموا فيها، وأورد منها ثمانية وعشرين حديثاً، وقد منعه ما اعتاده من تحقيق البحث في القضايا العلمية أن يحكم عليها كما يفعل غير أهل العلم بأنها غير ثابتة، بل تصدى إلى نقدها بنقل ما قدح به أهل الفن في بعض رواتها، وأورد من بينها حديث أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقوم الساعة حتى تملأ الأرض جوراً وظلماً وعدواناً، ثم يخرج من أهل بيتي رجل يملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وعدواناً"، وقال: هذا الحديث رواه الحاكم، وقال: هذا صحيح على شرط الشيخين - يعني: البخاري ومسلماً -، ولم يخرجاه، وأورد فيها ما رواه الحاكم أيضاً عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال:"في يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض لباتها، ويعطي المال صحاحاً، وتكثر الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعاً أو ثمانياً؛ يعني: حججاً"، وقال الحاكم