للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قال قائل: حديث: "ولا طيرة" يعارضه ما جاء في الصحيح من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الشؤم في المرأة والدار والفرس"، وإذا كان في هذه الثلاث شؤم، صح أن تكون موضع التشاؤم، فمن تشاءم بشيء منها لم يكن عليه حرج في هذا التشاؤم.

وجواب هذا: أن شؤم الشيء في أن يكون فيه وجه من الشر؛ بحيث لو اتصل به شخص، ناله من أجل اتصاله به سوء، وللمرأة وجه من الشر هو سوء خلقها, وللدار وجه من الشر هو ضيقها، أو سوء جارها, وللفرس وجه من الشر هو شموسها، أو بطء سيرها، أو اتخاذها للمباهاة، وعدم استعمالها عندما يحتاج إليها ساعة الدفاع في سبيل الله، فمن المحتمل القريب تفسير الشؤم في الحديث على نحو هذه الوجوه، وقد رويت أحاديث يستأنس بها لهذا التأثير، منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من سعادة ابن آدم ثلاثة: المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح، ومن شقاوة ابن آدم ثلاثة: المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء" (١).

وفي رواية الحاكم: "ثلاثة من شقاء المرأة: تراها فتسوءك، وتحمل لسانها عليك، والدابة تكون قطوفاً، فإن ضربتها، أتعبتك، وإن تركتها, لم تلحق أصحابك، والدار ضيقة قليلة المرافق".

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن من شقاء المرء في الدنيا سوء الدار، والمرأة، والدابة"، وفيه: "سوء الدار: ضيق ساحتها، وخبث جيرانها، وسوء الدابة: منعها ظهرها، وسوء طبعها، وسوء المرأة: عقم رحمها، وسوء خلقها" (٢).


(١) أخرجه أحمد، وصححه ابن حبان، والحاكم.
(٢) رواه الطبراني من حديث أسماء -رضي الله عنها -.