والحديث ينفي على وجه العموم ما كان شائعاً في الجاهلية من التشاؤم بأمور لا دخل لها في نجاح الأعمال، ولا خيبتها؛ كالعطاس، ونعيق الغراب.
وفي مثل هذا التشاؤم فساد كبير؛ إذ يمنع الشخص من الإقدام على عمل قد يكون فيه خير كثير، والإِقدام على الأعمال يرجع فيه إلى الرأي السديد، وما يستكشف في تلك الأعمال من جلب مصلحة، أو درء مفسدة، فإن اشتبه الأمر، وخفي على الإنسان عاقبته من خير أو شر، فقد جعل الشارع الحكيم مكان التشاؤم أو التفاؤل: الاستخارة المعروفة في كتب السنّة.
ومن الأسف أن ينهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التشاؤم، ويبقى متفشيًا في الشعوب الإِسلامية، وقد أحدث الناس أنواعًا من التشاؤم لم تكن معروفة في الجاهلية، فأعرف في تونس أن الناس يتشاءمون بمناولة من يعزّ عليهم فراقه الصابون، أو آلة حادة؛ كالسكين، والمقص.
ويدخل في التشاؤم الممقوت: ما أحدثه الناس من الاستخارات غير الشرعية؛ كالاستخارة بالسبحة، والاستخارة المنامية، والاستخارة بالقرآن المجيد.
ويدخل في التشاؤم: الأخذ بأقوال الكهان والدجالين، فيمتنع من الشيء بمجرد قولهم له: إنه شر، أو لا خير فيه، فإن تعلّق الإنسان بشيء من ذلك، فقد خالف قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ولا طيرة".
ولا يجوز التشاؤم بيوم من الأيام، سئل مالك عن الحجامة يوم السبت، ويوم الأربعاء، فقال: لا بأس بذلك، وليس يوم إلا وقد احتجمت فيه، ولا أكره شيئاً من هذا: حجامة، ولا اطلاء، ولا نكاحاً، ولا سفراً في شيء من الأيام.