للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأجرب، يخالط الإبل "الصحيحة" فإن إيرادها إنما يناسب حصر الإصابة بالجرب في العدوى؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فمن أعدى الأول؟ " تنبيه على أن الجرب قد وجد في حال لا يمكن فيها ادعاء أنه قد نشأ من العدوى، وهاهنا يرجع الأعرابي إلى النظر في سبب هذا الجرب، فإذا عرف أن هناك سبباً للجرب غير العدوى، صار من الجائز أن يكون هذا السبب هو سبب الجرب الذي أصاب الإبل بعد اختلاطها بالجمل الأجرب، فإذا قيل له: إن السبب الحقيقي في الإصابة بالجرب هي مشيئة الله تعالى، ولكنه قد يربط الإصابة بقرب الصحيح من المرض، وقد يربطها بسبب آخر، سهل انقياده إلى هذه العقيدة، وترك عقيدة أن العدوى تؤثر بطبيعتها.

وإذا رأينا كثيراً ممن اتصلوا بذوي الأمراض المعدية، قد أصيبوا بهذه الأمراض، فقد نرى آخرين اقتربوا من أصحاب تلك الأمراض، فلم يصابوا بشيءمنها.

وملخص الجواب: أن الحديث ورد في سياق الرد على ما كان لدى الجاهلية من اعتقاد أن العدوى أمر طبيعي، دون أن يضيفوها إلى مشيئة الخالق، والحديث لا ينفي أن الله تعالى قد يشاء، فيجعل مخالطة الصحيح للمصاب بشيء من الأمراض؛ كالجذام والجرب، سبباً لحدوث ذلك المرض في الصحيح.

وقوله في بهاِّ: "ولا طيرة" نفي للتشاؤم؛ فإن الطيرة: التشاؤم بالشيء، وأصلها: أن العرب كانوا في الجاهلية يعتمدون في الإقدام على بعض الأعمال؛ كالسفر والزواج، على الطير، فإن مرّ الطير باليمين، تيمّن، وإن مرّ باليسار، تشاءم به، ثم أطلقت الطيرة على التشاؤم، ولو بغير الطيور.