السحر في أصل اللغة: الصرف (١)، وشاع استعماله في كل أمر يخفى سببه، ويتخيل على غير حقيقته، وورد في كلام الشارع، فاتفق علماء الإِسلام على أن هناك شيئاً يسمى: سحراً، واختلفوا في تصويره، فذهب جمهور أهل العلم إلى أن للسحر آثاراً حقيقية، وقالوا: هو مزاولة النفوس الخبيثة لأفعال وأحوال يترتب عليها أمور خارقة للعادة. وقالوا: هو خارق للعادة يظهر في نفس شريرة بمباشرة أعمال مخصوصة. والساحر عند هؤلاء قد يبلغ أن يطير في الهواء، ويمشي في الماء.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن السحر لا يبلغ أن يغير الحقائق في نفسها، وإنما هو تخييل وتمويه، وقالوا: لا يفعل الإنسان في غيره فعلاً من غير مماسة ولا ملامسة. وينسب هذا الرأي إلى المعتزلة، وجرى عليه أبو جعفر الاسترابادي، وأبو بكر الجصّاص.
وإذا كان السحر لا يتجاوز التخييل والتمويه، استبان الفرق بينه وبين المعجزة جليًا، فالمعجزات على حقائقها، وبواطنها كظواهرها, ولو اجتهد الخلق كلهم على مضاهاتها ومقابلتها بمثلها, لظهر عجزهم عنها، وأما السحر، فإنما هو ضرب من الحيلة والتلطف لإظهار أمور لا حقيقة لها، ومن شاء أن يتعلم ذلك، بلغ فيه مبلغ غيره.
ويتلخص مما سبق: أن السحر نوعان:
أولهما: قلب حقيقة شيء إلى حقيقة شيءآخر على وجه خرق العادة