يأتي النساء" بقوله: "كان يفعل الشيء"، وبدل قولها: "ولا يأتيهن" بقوله: "ولا يفعله"، فهذه الرواية عبّر فيها عن إتيان النساء وعدم إتيانهن بلفظ عام هو الفعل وعدم الفعل، وجاءت على خلاف قولها: "كان يرى أنه يأتي النساء"، فجاءت كلمة "كان" بعد كلمة "يخيل"، فقالت: "يخيل إليه أنه كان يفعل".
وأما رواية: "يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله" وهي التي تشعر بأن السحر أثر في قوته الفكرية، ومثلها رواية: "يخيل إليه أنه صنع شيئاً، ولم يصنعه"، فنحملها أيضاً على أنها من تصرف الرواة الذي يقع بهم في غلط، وقد ينسب بعض المحققين من أهل العلم الغلط في بعض ألفاظ الحديث الوارد في "الصحيحين" إلى الراوي متى رأوا اللفظ صريحًا في معنى يخالف ما عرف من معقول أو منقول، ويبقى ما عدا اللفظ الذي هو موضع الغلط ثابت الرواية.
وملخص ما نرى في هذا الحديث: أن أصله ثابت، ويحمل السحر على أنه أثّر في قوته الجسمية، دون أن يمس قوته العقلية بشيء، ومما يدل له: حديث ابن عباس عند ابن سعد: "مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخذ عن النساء والطعام والشراب، فهبط عليه ملكان" الحديث، ونجعل قول عائشة -رضي الله عنها - في رواية سفيان بن عيينة: "كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن " هو أصل الرواية, وما عداه من الروايات إما أن نرجع بتأويله إلى هذا الأصل، أو نحمله على أنه جرى على وجه الغلط من تصرف بعض الرواة.
وهذا ما نراه في شرح الحديث. وأراني بعد هذا لا أنسب من ينكر