"فإذا جئتهم، فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله":
أمره في الحديث بأن يدعو أهل الكتاب إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وظاهر هذا: أنهم غير مؤمنين بأن الله واحد، أما النصارى، فلأنهم يقولون: إن المسيح ابن الله، وانه إله، وهذه العقيدة تخرج بهم عن الإيمان الحق، وتجعلهم في حاجة إلى أن يُدعوا إلى توحيد الله قبل أن يُدعوا إلى الإيمان برسوله الكريم.
وأما اليهود، فكانوا يعتقدون في عزير أنه ابن الله هو {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ}[التوبة: ٣٠] وقد تبرأ بعض اليهود المتأخرين من هذه العقيدة، وبراءتهم هذه لا تقف في صدق الآية الكريمة، فقد نزلت واليهود بالمدينة، وحول المدينة ولم ينقل عن أحد منهم إنكار هذه العقيدة، فليس من شك في أنها كانت معروفة عندهم، ويكفي في صدق الآية أن تكون عقيدة طائفة منهم.
وزِيَد في كلمة الشهادة: التصديق بالرسالة المحمدية؛ لأن حقيقة الإيمان لا تحصل إلا به، فمن لم يشهد برسالة النبي - صلوات الله عليه - فهو كافر. هذا ما اتفق عليه علماء الإِسلام، وأصبح معلوماً من الدين بالضرورة، ومن دلائله قوله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا}[الفتح: ١٣].