للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجدت قبل الإسلام.

وإذا بحثنا عن هذا المعنى مع قطع النظر عن اختلاف أوضاع العبادات، أو اختلاف الغرض من تلك المجاهدة، رأينا أن لحكماء اليونان في طلب الحقائق طريقتين:

طريقة أرسطاطاليس وأتباعه، وهي طريقة البحث والقياس العقلي أو الاستقراء، وتسمى بالحكمة المشائية (١).

وطريقة أفلاطون وأتباعه، وهي طريقة المكاشفة، وانقداح الحقائق في النفس، وتسمى: حكمة الإشراق؛ لأنها تعتمد على إشراق العقل بالارتياض والتجرد عن الرذائل. فالإشراقيون من الحكماء الإلهيين يشبهون الصوفية في مسلكهم، إلا ما يخالفون فيه هدي الإسلام.

قال السهروردي في "حكمة الإِشراق": "والإشراقيون لا ينتظم أمرهم دون سوانح نورية، حتى إن وقع لهم شك، يزول عنهم بالنفس المنخلعة عن البدن".

وفي البوذية ما يشبه الرهبانية؛ فإن مؤسس هذه النحلة دهري، لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر (جوتما (٢) ومن مبادئه: أن الشقاوة في الدنيا ناشئة عن الشهوات، فيجب إطفاء هذه الشهوات؛ لينجو الإنسان من الشقاوة. ويرى هؤلاء: أن هناك محرمات على الرهبان والراهبات خاصة، وهي التزين بالزهور، والتطيب بالروائح الذكية، وسماع الغناء، والتفرج على الرقص، والجلوس


(١) سميت بالمشائية؛ لأن زعيم هذه الطريقة - وهو أرسطو - كان يعلم تلاميذه وهو يمشي معهم.
(٢) توفي سنة ٤٨٠ قبل المسيح.