الرجل، وتتطلع نفسه إلى ما يضيق عنه كسبه؛ من نحو: المطاعم، أو الملابس، أو أثاث المنزل، أو غير ذلك من متاع الحياة، ويحاول الوصول إلى هذه الملاذ أو الزينة، ولا يجد طريقاً غير الاستدانة، فيسلكها غافلاً عن سوء عاقبتها، وعلاج هذا: أن يروض الإنسان نفسه على القناعة، ويحملها على الصبر عن تلك الشهوات إلى أن يسعها الرزق الذي يأتيه من كسب طيب. قال بعض الحكماء:
إذا رمت أن تستقرض المال من أخٍ ... تعوّدت منه اليُسْرَ في زمنِ العسر
فَسَلْ نفسك الإنفاق من كيس صبرها ... عليك وإنظاراً إلى ساعة اليسر
فإن أسعفت كنت الغني وإن أبت فكل ... مَنوع بعدها واسع العذر
وقد يبدو للرجل أن يظهر بين قومه أو زائريه في مظهر اليسار والرفاهية، وينفق أكثر مما يتحمله كسبه اليومي أو الشهري، متخيلاً أن هذا الإنفاق يرفعه عندهم درجة، ويضع له في قلوبهم إكباراً، ومتى جرى الرجل وراء هذا المظهر المتكلف، وقع في عسرة وفاقة، وبعد أن كان في كفاف من العيش، صار إلى طبقة البائسين، ويضاهي هذا: أن يطمع الرجل في سيادة لا تدرك إلا بالمال؛ كما قال الطغرائي:
أريد بسطةَ كفٍ أستعين بها ... على أداء حقوق للعلا قبلي
ولكنه يكون قليل المال، ويرى أن قلة ماله تعوقه أن يبلغ تلك السيادة، فيندفع في طريق الاستدانة، ويخبط بها خبط عشواء، فلا يتقدم إلى السيادة خطوة، بل لا يلبث أن يضيع ما كان لديه قبل الاستدانة من فضل.
أخذتُ الدَّيْنَ أدفع عن تلادي ... وأخذُ الدين أهلكُ للتلاد