وقد يكون أهل منزل الرجل غافلين عن عاقبة الأخذ بالدين، وتتجه نفوسهم إلى مطالب؛ من نحو: الملابس، وأثاث البيت، يضيق عنها ما يكسبه في يومه أو شهره، ويعتذر لهم، فلا يقبلون له عذراً، فتتغلب عاطفته على حرّمه وإرادته، ويضعف أمام هذه المطالب، فيغمس يده في الدين يبتغي إرضاءهم، ولكن العاطفة الشريفة هي التي تريه أن إطلاق يده في الدين قد ينحدر به وبهم من طبقة اليسار أو الكفاف إلى ضيق في العيش، وربما أفضى ضيق العيش إلى سوء المعاشرة، وإذا ساءت المعاشرة، تباعدت القلوب، وإذا تباعدت القلوب، تباعدت الوجوه لا محالة.
وللمعاملة بالدين مضار:
منها: ما يعود على المعطي بالدين.
ومنها: ما يعود على الآخذ به.
أما المعطي بالدين، فقد يدفعه الجشع إلى تسليم ماله إلى الدائن غير باحث عن حاله من طهارة الذمة، أو المقدرة على قضاء الدين عند أجله، فتكون عاقبة ماله التلف والخسران.
ومن الناس من يحاول أكل أموال الناس بالباطل من طريق الاستدانة، ويتخذ جشع التاجر وسيلة إلى هذا الاختلاس، فيسوم السلعة بثمن فوق ثمنها كما صنع طريف بن منظور مع التاجر يحيى بن جابرة إذ فخم له في الربح حتى بلغ ما أحب، وقال:
أيطمع يحيى في الوفاء وقد عدا ... على مالنا في البيع عدوة فاجر
فلا يحسب الكوفيّ أن عقولنا ... هفت عن حساب مثبت في الدفاتر
ولكنني أغرقت في الربح وانثنى ... وليس له علم بصفقة خاسر