للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (٦٠) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا} [الأحزاب: ٦٠ - ٦١]

وكان مما كانوا يرجفون به: ما ذكره الله عنهم في قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب: ١٢].

ولهؤلاء المنافقين خلفاء في كل عصر من عصور الإسلام، وفي كل وطن من أوطانه، يخذلون الناس عن أئمتهم وولاة أمرهم، ويشيعون السوء عن برامجهم وخططهم، وهذا مرض في القلوب كما وصفه الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وعلى من يصاب بهذا المرض أن يعالج نفسه قبل أن يعالج بأحكام الله.

وفي هؤلاء أيضاً ورد قول الله سبحانه: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ} [النساء: ٨٣]؛ أي: أفشوه حيث لا يكون من المصلحة العامة إذاعته وإفشاؤه. وقد يكون ما يذيعونه كذباً ومضراً بالمصلحة، فيكون ذلك من الإثم المزدوج الذي طهر الله قلوب المؤمنين منه.

واللائق بالمسلمين إذا سمعوا قالة السوء أن يكونوا كما أراد الله للمسلمين في قوله -عزَّ وجلَّ-: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ} [النور: ١٢]. إلى أن قال سبحانه: {وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (١٥) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور: ١٥ - ١٦].

ولما عاد المسلمون من غزوة أحد، كان فيهم من اختلفوا في الحكم على المنافقين والمرجفين، فقال فريق للنبي- صلى الله عليه وسلم -: "اقتلهم"، وقال فريق: "لا تقتلهم"، فنزل في ذلك قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} [النساء: ٨٨]، وفي ذلك ورد الحديث النبوي: "إنها طيبة - أي: المدينة - تنفي خبثها كما تنفي النار خبث الحديد"، وفي