وأول فتنة في الإسلام، وهي الجرأة على خليفة رسول الله وصهره سيدنا عثمان، كان منشؤها إشاعات السوء الكاذبة، وتضليل البسطاء وضعاف الأحلام، فجرّ ذلك على الأمة من الضرر ما لم تتوصل إلى مثله الدول المعادية بما لديها من جحافل وقوات حربية.
وفي الليلة الأخيرة قبل نشوب حرب الجمل توصّل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الفريقين إلى التفاهم على ما يرضي الله -عَزَّ وَجَلَّ- من إقامة الحدود الشرعية على من يثبت عليه أن له يداً في مصرع أمير المؤمنين عثمان، وبات أبناء كل فريق في معسكر الفريق الآخر بأنعم ليلة وأسعدها، وأرضاها لله، فما كان من قَتَلَة عثمان ومن يتبعهم من قبائلهم، إلا أن أنشبوا القتال في الصباح الباكر، وأشاعوا في معسكر من المعسكرين بأن المعسكر الثاني هو المهاجم له، على خلاف ما اتفقوا عليه بالأمس، وبذلك كانت الإشاعات بين الطرفين أفتكَ بهما، وأضرَّ على الإِسلام من أسلحة البغاة الفاتكة.
أيها المسلمون! إن إشاعات السوء سلاح العدو، والذي يصغي إليها يمكِّن العدو من الفتك بالأمة والوطن، وتحسبونه هينًا، وهو عند الله عظيم، فاعملوا في ذلك بهداية الله -عَزَّ وَجَلَّ- وإرشاده حين يقول:{وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}[النور: ١٦].
وعلى ولاة الأمر أن يتصرفوا فيمن يثبت عليهم ذلك وفقاً لحكم الله تعالى حين يقول لنبيه: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (٦٠) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا} [الأحزاب: ٦٠ - ٦١].