استهل فضيلته حديثه في هذا الموضوع الخطير بالسؤال عن الغاية التي تهدف إليها المرأة من وراء هذه الدعوى، وقال: هل تريد أن تهجر البيت؛ لتقضي وقتها بين الأندية والمجتمعات والمحافل السياسية في مناقشة القوانين، وفيما يجب أن يفرض من العقوبات، ويرسم من الحدود، وما إلى ذلك من مسائل التشريع والتقنين؟ إن كان هذا مقصدها، فهل لها أن ترشد أهل الصواب والمنطق والحق في أي عصر إسلامي كان هذا؟ وفي أي عهد من العهود التي ازدهرت فيها تعاليم الإسلام وانتشرت أحكامه ومذاهبه تولت المرأة شؤون الولاية العامة!؟
ثم استطرد فضيلته فقال: إن الشريعة الإسلامية تحرم اختلاط المرأة بالرجال. والدعوى بمنح المرأة حقاً سياسيًا إنما هي وسيلة من وسائل الاختلاط تريد المرأة في هذا العصر أن تتذرع بها لتكسو اختلاطها بالرجال ثوب المصلحة العامة، وهذا عمل لا تقره الشريعة الإسلامية، وليس جائزاً في أي مذهب من مذاهبها؛ لأن الشريعة قد فطنت إلى ما ينجم عن اختلاط المرأة بالرجل من مضار اجتماعية وخيمة، ومن شرور لو قلنا إنها محتملة الوقوع، لكان ذلك الاحتمال كافياً لمنعها ودرئها.
وإذا كانت المرأة تريد في سبيل تبرير دعوتها أن تلجأ إلى السباب، وإلى الغض من أقدار سلف العلماء، والطعن عليهم، والنيل من كرامتهم، وتحقير شأن من يريد أن يبصرها بالصواب والرأي السديد، فإنما تكون قد أقامت الدليل القاطع على أنها لا تصلح عضواً في معترك الحياة؛ لأن مثل
(١) مجلة "الأزهر" - الجزء الخامس من المجلد الرابع والعشرين.