هذا الطريق لا يلجأ إليه إلا من ضعفت حجته، واختلطت عليه موازين الأشياء ومقاييس الأمور.
ولقد سبق أن أفتت لجنة الفتوى في الأزهر فتوى شرعية بينت فيها بمختلف طرق التبيين، على مختلف الآراء الفقهية ما للمرأة من حقوق، وما عليها من واجبات، وفصلت لها نوع الولاية، وعرفتها أن الولاية العامة هي السلطة الملزمة في شأن من شؤون الجماعة؛ كولاية سن القوانين، والفصل في الخصومات، وتنفيذ الأحكام، والهيمنة على القائمين بذلك، وقالت: إن الشريعة الإسلامية قد قصرتها على الرجال إذا توافرت فيهم شروط معينة، وزادت على ذلك في مقام التبيين: أنه لم يثبت أن شيئاً من هذه الولاية العامة قد أسند إلى المرأة، لا مستقلة، ولا مع غيرها من الرجال؛ وقد كان في نساء الصدر الأول مثقفات فضليات، وفيهن من تفضل كثيراً من الرجال، كأمهات المؤمنين، وساقت قصة سقيفة بني ساعدة في اختيار الخليفة الأول بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، إذ بويع أبو بكر البيعة العامة في المسجد، ولم تشترك امرأة مع الرجال في مداولة الرأي في السقيفة، ولم تُدع لذلك.
وقد أفاضت لجنة الفتوى في بيان أحكام الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بما يجب أن تمنع منه المرأة من الوظائف العامة، ودعمته بالبراهين القطعية، والأسانيد التاريخية، والأدلة اليقينية. وكان المأمول أن تقف المرأة عند حدودها التي رسمتها لها الشريعة الإسلامية، في بلد إسلامي، ودولة إسلامية، وأن تعمل من جانبها على أن تسترشد بما يراه أهل الرأي من الفقهاء في أمرها، فتلزم بيتها في رعاية زوجها وكنفه، ولكنها عادت مرة ثانية إلى المناداة بوجوب منحها حقوقاً سياسية معينة، ومع أن الشريعة الإسلامية قد أفسحت