النيابي، ويدل له من كتاب الله: قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[آل عمران: ١٠٤]. وضع الإسلام أساسه، وبنى عليه الخلفاء سياستهم، ثم انتقض بناؤه في دولهُ بني مروان، ومذ شعرت الأمم الآخذة بمذاهب الحرية بأنه الضربة القاضية على السلطة الشخصية، طفقوا يهرعون إلى إقامة حكوماتهم على قاعدته المتينة.
وأخذ عمر بقاعدة الشورى في أمر الخلافة من بعده، ففوض أمرها إلى ستة من كبراء الصحابة ليختاروا رجلاً منهم، وقال لهم: ويحضركم عبد الله ابن عمر مشيراً، وليس له من الأمر شيء، وضمُّه عبد الله بن عمر إلى الستة، وتشريكه لهم في الرأي، وارد على ما ينبغي في مجالس الشورى من جعل نظامها مؤلفًا من العدد الفرد؛ ليمكنهم ترجيح جانب الأكثر عند الاختلاف، ويلوح إلى هذا بطرف خفي قوله تعالى:{مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ}[المجادلة: ٧]. فذكر العدد الفرد صراحة، والاقتصار عليه دون الزوج في ضمنه إشارة إلى ما ينبغي مراعاته في المجالس المؤلفة للمناجاة.
هذا هو الأصل في الشورى، وقد تؤلف من عدد زوج، ويعتبر أحد أفراد اللجنة بمنزلة رجلين اثنين، ويسمى رئيساً لها، فيرجح به الجانب الذي ينحاز إليه عند التساوي، والدليل على صحته شرعاً: قول عمر بن الخطاب لأبي طلحة الأنصاري: إن الله قد أعزّ الأنصار، فاختر خمسين رجلاً من الأنصار، وكن مع هؤلاء حتى يختاروا رجلاً منهم. ثم قال له: وإن رضي ثلاثة رجلاً، وثلاثة رجلاً، فحكّموا عبد الله بن عمر، فإن لم يرضوا بعبد الله، فكونوا مع