تعالى:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ}[الأنفال: ٦٧] مؤيداً لرأي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في أسارى بدر.
أُذن له - صلى الله عليه وسلم - بالاستشارة، وهو غني عنها بما يأتيه من وحي السماء؛ تطييبًا لنفوس أصحابه، وتقريرًا لسنَّة المشاورة للأمة من بعده. أخرج البيهقي في "الشعب" بسند حسن عن ابن عباس، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما إن الله ورسوله لغنيان عنها - أي: المشورة -، ولكن جعلها الله رحمة لأمتي، فمن استشار منهم، لم يعدم رشدًا، ومن تركها، لم يعدم غَيّاً".
وكان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - من العلم بقوانين الشريعة، والخبرة بوجوه السياسة في منزلة لا يطاولها سماء، ومع هذا، لا يبرم حكماً في حادثة إلا بعد أن تتداولها آراء جماعة من الصحابة، وإذا نقل له أحدهم نصًا صريحاً ينطبق على الحادثة، قال:"الحمد لله الذي جعل فينا من يحفظ عن نبينا".
وعهد بأمر الخلافة إلى عمر بن الخطاب بعد استشارة جماعة من المهاجرين والأنصار؛ مثل: عبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان، وأسيد ابن حضير، وسعيد بن زيد، وغيرهم، وإنما لم يبق الأمر شورى بينهم؛ كما صنع الخليفة الثاني، أو يتركه لآراء المسلمين عامة؛ كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ اعتماداً على ما تفرسه في عمر من الكفاءة والمقدرة، وحذراً من أن تتنازعها ذوو الأهلية، فتثور ثائرة الفتنة، ويرتخي حبل الأخوة في أيدي المسلمين.
ونحا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - هذه العبادة شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، قال من خطبة أرسلها في هذا الغرض:"كذلك يحق على المسلمين أن يكونوا وأمرهم شورى بينهم وبين ذوي الرأي منهم". ثم قال:"ومن قام بهذا الأمر، فإنه تبع لأولي رأيهم ما رأوا لهم، ورضوا به لهم". وهذا إيماء إلى الحكم