عندهم أمر يسير، لا يكاد يظهر بالنسبة إلى مشروعاتهم الواسعة، وأعمالهم المتواصلة.
وأما العقوبات المتعلقة بالجناية على الأموال، فأربعة أنواع:
أحدها: عقوبة السارق، قال تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[المائدة: ٣٨]. من تحقق في النظر إلى جناية السرقة، وجدها مفسدة يعسر تلافيها؛ إذ لا يمكن للناس أن يحرزوا أمتعتهم، ويصونوها عن التلف والضياع بأكثر من وضعها في دور قائمة جدرانها، موصدة أبوابها، مزرّرة أقفالها، ويتعذر على صاحب المتاع المواظبة على حراسة متاعه بنفسه صباحاً ومساء، ولا يتيسر لكل أحد أن يتخذ حراساً يكفونه شر أهل الخيانات، أو يجعل دون ماله سداً لا يستطيعون أن يظهروه، ولا يستطيعون به نقباً، والسارق يترصد أوقات الخلوة بالأمتعة، فيذهب إليها في حال تنكر واختفاء، ويخرق الدار، ويتسور جدارها، ويقلع الأبواب، أو يكسر أقفالها، ثم يملأ حقيبته منها، وينصرف آمناً مطمئناً من افتكاك ما أخذ منه، أو إقامة البينة عليه، بخلاف الغاصب أو المنتهب؛ فإنه يأخذ المال مجاهرة، فيمكن استرجاعه منه بالقوة، أو بالإشهاد عليه، ولهذا كانت السرقة أكثر وقوعاً، وأجلب للخلل في النظام، فاستحق صاحبها تشديد العقوبة عليه؛ لقطع جرثومة فسادها عن الناس. وأليقُ العقوبات به: قطع الجارحة التي يتوسل بها إلى الإذاية، ويباشر بها الجناية على الأموال المعصومة.
وهل أتاك حديث من ينظر ببصيرة عشواء، فأورد على ما قررته الشريعة من قطع يد السارق في ربم دينار، وجعل ديتها خمس مئة دينار إذا جنى عليها