يدٌ بخمس مئين عسجداً فديت ... ما بالها قطعت في ربع دينارِ
وقال بعضهم في جوابه:
حماية الدم أغلاها وأرخصها ... صيانة المال فانظر حكمة الباري
وأجاب الإمام الشافعي فيما روي عنه:
هناك مظلومة غالت بقيمتها ... وهاهنا ظلمت هانت على الباري
ثم إن قطع اليد في ربع دينار - مثلاً - فيه حكمة الزجر للسارق نفسه عن معاودة السرقة، وردع أمثاله عن الإقدام عليها، وفي هذا عصمة لأموال كثيرة، وسد لمنفذ تتفشى منه المفسدة بطريق العدوى، والله لا يحب المفسدين.
ثانيها: عقوبة من يحيف السبيل، ويشهر السلاح لأخذ المال باطلاً، وهو المحارب، قال الله تعالى:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ}[المائدة: ٣٣]. شرع الله في عقاب المحارب أربعة أنواع أو كل أمرها إلى خيرة الإمام، فإما أن يقتل بدون صلب، وإما أن يصلب حياً، ثم يقتل ويراق دمه على الخشبة التي صلب فيها، أو تقطع يده ورجله من خلاف، أو ينفى من الأرض؛ أي: يبعث من بلده إلى بلد آخر، ويودع في السجن إلى أن ينتفي خبثه، وتظهر توبته، وليس معنى نفيه إبعاده إلى بلد آخر، مع تركه خالع العنان يمشي في مناكبها، ويجتني بها قطوف لذاتها، فإن هذا لا يمحق كيده، ولا يقطع ذيل فساده، فلا نأمن أن يسحبه مرة أخرى، ويلوث به بقاعاً كانت آمنة مطمئنة. وأضيف التغريب في هذه