الناس بما لا تعتقد، وهذا لا يحل لك. أجابه بقوله:"إنما يسألونني عن مذهب جرى في البلد، وهم يتقلدونه، فأفتيهم به، ولو سألوني عن مذهبي، لأخبرتهم به".
وممن كان لا يأخذ بمذهب مالك: منذر بن سعيد البلوطي؛ فإنه مال إلى مذهب الشافعي، ثم انتقل إلى الأخذ بالظاهر، واطراح القياس، ولغزارة علمه، ورسوخ فضله، قلده عبد الرحمن الناصر القضاء بقرطبة، وأخذ عليه أن لا يقضي إلا بمشهور مذهب مالك، فكان إذا جلس للفصل بين الناس، قضى على مذهب مالك؛ عملاً بما شرط عليه الخليفة.
وكذلك كان أبو محمد بن حزم، فإنه مال إلى مذهب الشافعي، ثم انتقل إلى الأخذ بالظاهر، والامتناع من القياس؛ بدعوى أن نصوص الشريعة تتناول كل حادثة إلى أن يأتي أمر الله، وصار لابن حزم هنالك شيعة، ومن مؤلفاته في أحكام الفقه كتاب "المحلى بالآثار" الذي قال في وصفه عز الدين بن عبد السلام: "لم يؤلف مثله في الإسلام".
وإنا لنجد الكاتبين في تاريخ الأندلس يقولون في وصف كثير من علمائها:"وكان يميل إلى النظر والحجة"، أو يقولون:"كان يميل في فقهه إلى النظر والأخذ بالحديث". أو يقولون:"له اختيارات في الفتوى والفقه خارجة عن المذهب". أو يقولون:"كانت له مذاهب أخذ بها في خاصة نفسه، وخالف فيها أهل قطره".
وهذا يدلنا على أن علماء الأندلس يتفقهون على مذهب مالك، ومنهم من يدرك مرتبة الاجتهاد أو الترجيح، فيرجع إلى الحجة والدليل.
هذا شأنهم في الفقه، أما شأنهم في أصول الفقه، فقد وصفهم أبو