وغير ذلك، فاعتزل فرقدٌ ناحية، فسأل الحسن: أهو صائم؟ قالوا: لا، ولكنه يكره هذه الألوان، فأقبل الحسن عليه، وقال: يا فريقد! أترى لُعابَ النحل بلُباب البر بخالص السمن يعيبه مسلم؟!.
وقد أنكر أبو بكر بن العربي ما يفعله بعض المتصوفة من اتخاذه ثوباً يصنعه من رقاع مختلفة، وعدّه من البدع المكروهة في الإسلام.
ومما ورد في الحث على التجمل: حديث جابر - رضي الله عنه -، وهو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نظر إلى رجل عليه بُردان قد خلقا "بليا"، فقال:"أما له ثوبان غير هذين؟ " فقلت: بلى يا رسول الله، له ثوبان في العيبة كسوته إياهما. قال:"فادعه فمره أن يلبسهما"، قال: فدعوته، فلبسهما.
وفي هذا الحديث شاهد على أن الدين يأمر الشخص بالتجمل في الملبس، وينهاه عن الخروج في أثواب تزدريها العيون، وهو يستطيع أن يخرج في أثواب نقية غير بالية، وقال عمر بن الخطاب: إذا أوسع الله عليكم، فأوسعوا على أنفسكم. وحمل هذا الأثر بعضُ أهل العلم على معنى: أن الرجل إذا أوسع الله عليه في ماله، فليوسع على نفسه في ملبسه، فيحمل نفسه على عادة مثله. وسئل مالك عن قول الله تعالى:{وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ}[القصص: ٧٧]، فقال: أن يعيش ويأكل ويشرب غير مضيق عليه.
وكان أهل الأندلس فيما حكاه صاحب "نفح الطيب": أشد خلق الله اعتناء بنظافة ما يلبسون، وما يفرشون، وغير ذلك مما يتعلق بهم، وفيهم من لا يكون عنده إلا ما يقوته يومه، فيطويه صائماً، ويبتاع صابوناً يغسل به ثيابه، ولا يظهر فيها ساعة على حالة تنبو العين عنها.