كان أبو الحسن على مذهب الاعتزال، ولزم أبا علي الجبائي نحو أربعين سنة، ثم أعلن رجوعه عن الاعتزال في مسجد البصرة، وكان يقصد إلى مواطن المعتزلة ليناظرهم، ويقول: هم أولو رياسة، منهم الوالي والقاضي، ولرياستهم لا ينزلون إلي، فإذا لم أسر أنا إليهم، فكيف يظهر الحق، ويعلمون أن لأهل السنة ناصراً بالحجة؟
ومذهبه قائم على ما كان عليه السلف، وصرَّح في كتاب "الإبانة" بأنه على طريقة السلف، فقال:"وديانتنا التي بها ندين: التمسك بكتاب الله، وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون، ويما كان عليه أحمد بن حنبل- نضر الله وجهه، ورفع درجته، وأجزل مثوبته - قائلون، ولمن خالف قوله مجانبون".
وأخذ الأشعري السنة عن زكريا بن يحيى الساجي (١) وغيره من أهل الحديث الذين هم على طريقة أحمد بن حنبل.
وللأشعري في بعض المسائل آراء تتصل بأصول العقائد، وليست من الأصول، وهذه هي التي يجري فيها الخلاف بينه وبين بعض أهل السنة، كما قال: إن معرفة الله واجبة بالشرع، وقال الماتريدية: واجبة بالعقل، وكما قال: إن صفات التكوين؛ كالخلق والرزق، والإحياء والإماتة، حادثة، وقال الماتريدية: هي قديمة، وقد نرى بعض الأشاعرة يخالفون الأشعري في مثل هذه المسائل؛ كالباقلاني، والرازي.
قال ابن السبكي: "والإمام الرازي لا ينكر عظمة الأشعري، كيف وهو
(١) البصري الحافظ، يروي عنه: ابن عدي، والإسماعيلي، وخلق، وثقه قوم، وضعفه آخرون، توفي سنة ٣٠٧.