التستر لا يطمع الفساق في أن ينالوا من عرضها، فلا تلقى من الفساق تعرضاً يؤذيها مثلما تلقى المتبرجات بزينتهن، وذلك معنى قوله تعالى:{ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ}[الأحزاب: ٥٩].
والأحاديث الصحيحة الواردة في النهي عن اختلاط المرأة بغير محرم لها، تدل بكثرتها على أن مقت الشريعة الغرّاء لهذا الاختلاط شديد، وأن عنايتها بأمر صيانة المرأة بالغة، وأذكر منها ما رواه البخاري في "صحيحبه" عن أبي سعيد الخدري: "قالت النساء للنبي - صلى الله عليه وسلم -: غلبنا عليك الرجالُ، فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهن يوماً لقيهن فيه، فوعظهن، وأمرهن". ولو كان اختلاط الطلاب بالطالبات مما يأذن به الدين، لكان للنساء أن يجلسن مع الرجال في مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولما قلن له: غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك، ولما وعدهن يوماً لقيهن فيه وحدهن.
وأذكر منها: ما رواه الإمام البخاري في "صحيحه" عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت:"لقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الفجر، فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن، ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد".
ولو كان اختلاط الرجال بالنساء مأذوناً فيه، لما احتاج المؤمنات إلى أن يتلفعن بمروطهن، ويرجعن إلى بيوتهن، دون أن يعرفهن أحد.
وأذكر منها: ما رواه البخاري في "صحيحه" عن ابن عباس - رضي الله عنه -، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم "، قال رجل: يا رسول الله! إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا، وامرأتي تريد الحج، فقال:"اخرج معها". ولو كان اختلاط النساء والأجانب مأذوناً فيه، لما حرّمت الشريعة على المرأة أن تسافر لأداء فريضة