للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعود عليه بخير، وأن ضعفها وانحطاطها قد يمسه بسوء.

ماذا يريد الأستاذ بقوله: "واليوم يبذلونها باعتبار أن الإنفاق في هذا السبيل واجب"؟

إن أراد أنهم يبذلونها ابتغاء مرضاة الله، فليس هذا القصد من خصائص العصر الحاضر، بل كان الناس في صدر الإسلام يبتغون وجه الله أكثر مما يبتغيه الناس اليوم، وإن أراد الإنفاق لمجرد العاطفة، فقد أريناه أنها لا تخلو من القصد إلى منفعة، وليس الباذل إجابة للعاطفة وحدها بأفضل من الباذل رجاء ثواب الله في الآخرة، على أن الإنفاق بدون قصد ثواب الله، ولا ابتغاء وجه الناس متى وجد، لا يكون إلا من النادر الذي لا يستقيم للأستاذ أن يذكره في الحديث عن روح العصر الحاضر، ليكثر به سواد أدلته على أنه نفحة إلهية.

وهذه بدعة (يا نصيب) التي يرتكب موبقتها الناس، حتى بعض الجمعيات الخيرية، ليست إلا نداء على فساد الأخلاق في هذا العصر، ولو شاء أحد أن يقيمها حجة على أن أهل هذا العصر لا يبذلون درهماً إلا طمعاً في أن ينالوا بدله في الدنيا أضعافاً مضاعفة، لم يعدم سامعاً.

وخشي الأستاذ أن يملأ الناس سمعه بتعداد الرذائل التي فشت في هذا العصر أكثر من فشوها في العصور الماضية؛ كتهتك النساء، وإباحة الخمور والميسر، وتحليل الربا، فحاول الدفاع عن أن تكون هذه الرذائل من روح العصر الحاضر، فما استطاع أن يعتذر عنها بأكثر من أن القوم ينكرونها، أو يقبحون أمرها، وأعقب هذا بأنها من بقايا ضعف الطبيعة البشرية.

وهل وجود رجال ينكرون الرذائل الطاغية في عصر يكفي عذراً لعدم